أرجو الإفادة عن إيداع الأموال في البنوك وأخذ الأرباح منها، هل هو حرام أم حلال، مع العلم بأنني لا أجد مكانًا آمنًا أضع أموالي فيه؟!
أجاب عن هذا السؤال فضيلة الشيخ سعد فضل من علماء الأزهر الشريف، فقال:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فلقد أجمعت المجامع الفقهية الإسلامية الكبرى في عالمنا الإسلامي والعربي على أن فوائد البنوك هي الربا المحرم، وهذا أمر انعقد عليه إجماع أهل العلم المعتمدين في عصرنا، ولا مجال فيه لمماحكة المماحكين؛ ولذا قامت المصارف والبنوك الإسلامية بديلاً عن البنوك الربوية.
فمن كان يريد الحلال فليبتعد عن هذه البنوك، وليتعامل مع البنوك الإسلامية؛ وإن كانت تشوبها أحيانًا بعض الشوائب؛ ولكن إثم ذلك على القائمين عليها، وهي على كل حال شوائب محدودة لا تساوي مساوئ البنوك التي تقوم أساسًا على استباحة الربا.
والربا: هو كل زيادة مشروطة على رأس المال؛ أي ما أُخذ بغير تجارة ولا تعب، ولهذا يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ (279)﴾ (البقرة).
فالتوبة معناها هنا: أن يبقى للإنسان رأس ماله، وما زاد على ذلك فهو ربا، والفوائد الزائدة على رأس المال جاءت بغير مشاركة ولا مخاطرة ولا مضاربة ولا شيء من المتاجرة؛ فهو الربا المحرم.
وأما عن الفوائد الناتجة عن هذا الموضوع؛ فشأنها شأن كل مال مكتسب من حرام، لا يجوز لمن اكتسبه أن ينتفع به؛ لأنه إن انتفع به فقد أكل سحتًا، فلا ينتفع به لنفسه ولا لأهله.
ولا يجوز أيضًا ترك هذه الفوائد للبنك الربوي بأي حال؛ لأنها بذلك تقوية للبنك الربوي، ومعاونة له على المضي في خطته، فهذا يدخل في الإعانة على المعصية، والإعانة على المعصية معصية.
رزقنا الله وإياكم المال الحلال، وبارك لنا فيه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والله تعالى أعلم.