بسم الله الرحمن الرحيم
"وقال فرعون ياأيها الملأ ماعلمت لكم من إله غيري فأوقد لى ياهامان على الطين فاجعل لى صرحا لعلى أطلع إلى إله موسى وإنى لأظنه من الكاذبين"
دأب المستشرقون منذ سنوات عديدة على تكرارشبهة ضد القرآن كانوايعتقدون أنها شبهة قوية, فذكروا أن وروداسم "هامان"كاحد المقربين إلى فرعون فى عهد موسى عليه السلام خطأ تاريخى . فالتوراة لم تورد اسم هامان عند ذكرها قصة موسى ,كما لم يذكر هذا الاسم أى مؤرخ يونانى قديم ,ولم يرد هذا الاسم إلا فى سفر"أستير"فى التوراة,حيث ورد فيه أن ملك بابل "أحشوبروش"كان له وزيراسمه هامان,وأن هذا الوزير كان يعادى اليهود الموجودين فى بابل بعد الأسر البابلى,وأنه ظلمهم ظلما كبيرا.ولكن اليهود تخلصوا من وضعهم المزرى ومن ظلم هامان بعد زواج الملك من فتاة يهودية حسناء فتنته وسعت لدى الملك حتى نجحت فى قتله.ويعنى هذا أن هامان لم يكن فى عهد فرعون وموسى, بل فى بابل وبعد ألف عام تقريبا من وفاة موسى,وبهذا يقع القرآن فى خطأتاريخى كما يزعمون.
يقول الدكتور عبد الجليل شلبى إنه لايوجد أى مانع منطقى من وجود شخص اسمه هامان فى عهد ملك بابل "أحشو بروش"وآخر فى عهد فرعون وموسى. ويشير إلى أن قصة الفتاة أستير والملك ووزيره هامان قصة خياليةوأسطورة من الأساطيرلاحقيقة لها. ويبرهن على ما يقول كالتالى :أن قصة أستير لم تذكر فى غير التوارة , والنبيان "عزرا"و"نحميا"اللذان كان من أوئل العائدين إلى بابل ماللذان قصا قصة السبى البابلى لم يشيرا إلى أستير ولا إلى أى شئ مما جاء فى السفر المسمى باسمها, وكذلك المؤرخ الإغريقى "هيروديت"الذى عاصرأكزسيس ودون سيرته لم يشرإلى أستير وأحداثها.أما جواب كتاب حقائق الإسلام فى مواجهة شبهات المشككين "فكان حوابا موجزا , وملخصه أنه من الجائز أن "هامان " ليست اسما لشخص ولكنه لقب يطلق على "نائب فرعون"مثلما يطلق اسم فرعون لقبا على حاكم مصر أو ملكها.
ولكن أفضل من شرح موضوع "هامان"هو العالم الفرنسى المسلم"موريس بوكاى"فى كتابه "موسى وفرعون", أذ قام ببحث مستفيض حول قصتى يوسف وموسى عليهما السلام كما وردتا فى التوراة وقارنهما بما جاء فى القرآن, وتوصل إلى أن المعلومات العلمية المتوفرة لدينا تقف بجانب ما جاء فى القرآن وتخاف ما جاء فى التوراة.
يقولم وريس بوكاى:"لقد جاء ذكر هامان فى القرآن كرئيس المعماريين والبنائين .ولكن الكتاب المقدس لا يذكر أى شئ عن هامان فى عهد فرعون. وقد قمت بكتابة كلمة هامان باللغة الهيروغليفية وعرضتها على أحد المختصين فى تاريخ مصر القديمة .ولكى لا أدعه تحت أى تأثير لم أذكر له أنها وردت فى القرآن بل قلت له إنها وردت فى وثيقة عربية قديمة يرجع تاريخها إلى القرن السابع الميلادى. فقال لى المختص يستحيل ,لأن رموز الكتابة باللغة الهيروغليفية لم تكن قد حلت آنذاك . ولكى أتحقق من هذا الأمر فقد أوصانى بمراجعة "قاموس أسماء الأشخاص فى الإمبراطورية الجديدة "لمؤلفه "اللامندرانك". نظرت إلى القاموس فوجدت أن هذا الإسم موجود هناك ومكتوب باللغة الهيروغليفية والألمانية , وكانت هناك ترجمة لمعنى هذا الاسم وهو "رئيس عمال مقالع الحجر". وكان يطلق هذا الاسم أو اللقب على من يتولى إدارة المشاريع الإنشائية الكبيرة.
استنسخت تلك الصفحة من القاموس وذهبتإلى المختصالذى أوصانى بقراءته , ثم فتحت ترجمة القرأن بالألمانية وأريته اسم هامان فيه فاندهشولم يستطع أن يقول شيئا.
وما توفيقى ولا اعتمادى إلا على الله