الخطوة الخامسة: كلام المسلمين

الخطوة الخامسة: كلام المسلمين

هل تكفي كلمتك الآن كي أصدقك في وعدك لي؟ هل يكفي وعدك لي أنك ستأتي لي غدًا أن انتظرك؟، هل يدخل كلامك لي بمساعدتي في حل مشكلتي الاطمئنان إلى نفسي في أنك تقف بجانبي؟ هل أثق في وعدك لي باسترداد ما اقترضته إياك في الموعد الذياتفقنا عليه؟ هل ما زالت الجملة الشهيرة الجميلة (الراجل بيتربط من لسانه) تؤدي مفعولها إلى الآن؟
للأسف الإجابة في معظم الأحيان: "لا".

فالرجل لم يعد يرتبط من لسانه، ولا من شيكاته ولا من وصولات أمانته، لم يعد هناك شيء يجبر الكثير على الوفاء بوعده؛ لأن الوازع الأصيل والأصلي للوفاء بالوعد أُصِيب بالمرض والخلل، أصبحت فضيلة الوفاء بالوعد فضيلة منسية، بعد أن زاحمتها المصلحة والفهلوة والكسل والكذب والخداع، والحديث الذي ترعرعنا عليه في مدارسنا: "آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان" (البخاري) لم يعد يذكره الكثير.

يتملكني الانبهار كل مرة وأنأ أقرأ قصة حذيفة بن اليمان، وأمر الرسول له بالوفاء بوعد لمن؟ لأبي جهل وفي وقت حرب، قبل غزوة بدر بساعات.. عندما وعد والد حذيفة حسيل بن جابر أن لا يقاتلا المشركين مع رسول الله، مقابل أن يتركاهما لحالهما، وقد كان حيث أمرهم رسول الله بالوفاء بذلك.

يا لعظمة الإسلام..

ما الذي يمنع مسلمين من أن يتذوقا حلاوة أول جهاد في سبيل الله، ولا ينالا شرف الجهاد مع رسول الله؟!

ما الذي يجعل مسلمين يعنيان بعهد لمشركين أعداء لهما وللرسول وللدعوة، في موقف كانوا مكرهين فيه على أخذ العهد؟!

الذي دفعهم إلى ذلك كلمة واحدة؛ الأخلاق.

فإن كل ما نريد تحقيقه في حياتنا اليومية أبسط من ذلك بكثير:

1) إذا اقترضت من أحد مالاً، وواعدته على موعد السداد، لا تماطل صاحب الحق حتى تجعله يندم على فعل الخير.

2) إذا اتفقت مع أحد على موعد، فاحرص أن تذهب إليه في الموعد المحدد، رتب شئونك كي تفي بوعدك، إذا حدثت ظروف أجبرتك على الوفاء بوعدك، يجب عليك أن تعتذر بوقت كافٍ، وإذا أضررت للتأخير عن الموعد فترة مقلقة لا بد أن تتصل وتعتذر.

3) إذا اعتذرت أو تأخرت لا تكذب وكن شجاعًا، اندهش كثيرًا من تصرفات الناس الذين يكذبون على أصدقائهم وأهلهم في وسائل المواصلات، وهم يتصلون بهم على المحمول، فيحاولون تخدير المتصل بأن يقول له إنه في مكان قريب، وهو في مكان آخر بعيدًا عنه تمامًا، والكلام لإخواننا الحرفيين، فهم المخترعون الأصليون لهذا الفعل الشائن.

4) إذا وعدت صديقًا بمساعدته في أمر، كن متأكدًا من قدرتك على المساعدة أولاً، وحدد بالضبط ما تستطيع القيام به، حدِّد إمكانية نجاحك، واجتهد بالفعل أن تساعده، بدلاً من استخدام أسلوب التجاهل والنسيان المستفز المحبط.

5) إذا وعدت أحدًا لا تعرفه بالرد عليه (لأصحاب المحلات والمسئولين في أماكن العمل)، فرد عليه وبسرعة، ولا تتجاهله لأنه شخص مجهول بالنسبة لك.

أخي الكريم.. من اليوم، أوف بوعدك وتقدَّم خطوةً.

----------