أولاً: ما يحبط العمل كله
1- الردة بعد الإسلام والموت على ذلك: قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ (البقرة: من الآية 217)، وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ﴾ (المائدة: من الآية 5).
ومما يوجب الردة:
1- إنكار شيء من أسماء الله وصفاته وأفعاله.
2- إنكار شيء من القرآن والسنة الصحيحة.
3- إنكار معلوم من الدين بالضرورة.
4- التحاكم لغير شرع الله كرهًا للشرع.
5- مناصرة أعداء الإسلام.
6- كراهية الإسلام أو رسول الإسلام وسبه والانتقاص من قدره.
2- الشرك الأكبر:
لقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65)﴾ (الزمر)، ولقوله تعالى:﴿وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (الأنعام: من الآية 88)، ولقوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (17)﴾ (التوبة).
فالكافر لا ينفع عمله الصالح؛ وذلك لأنه ليس عنده الأساس الذي يبني عليه عمله، ألا وهو التوحيد لله جلَّ وعلا؛ ولذا فإن كل ما يفعله لا وزنَ له، بل كل خير يفعله في الدنيا فإن لله يمتعه به في الدنيا وليس له في الآخرة أجر ولا ثواب.
قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه انس بن مالك: "إن الله لا يظلم مؤمنًا حسنة يعطي بها في الدنيا ويجزي بها في الآخرة، وأما الكافر فيطعم بحسناتٍ ما عمل بها لله في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن حسنة يجزى بها" (رواه مسلم).
وعن عائشة- رضي الله عنها- قالت: "قلت يا رسول الله ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين فهل ذلك نافعه؟ قال:"لا ينفعه؛ إنه لم يقل يومًا: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين" (رواه مسلم).
أنواع الشرك الأكبر:
الذبح والنذر للأولياء من المخلوقين على سبيل التقرب والعبادة مع انتفاء الجهل، والطواف حول القبور بنية العبادة للمقبور مع إقامة الحجة على الفاعل والتبيين له، الركوع والسجود لغير الله، ودعاء غير الله على سبيل العبادة والتقرب.
3- الكفر بالقرآن الكريم والبعث يوم القيامة:
قال تعالى: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالاً (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا﴾ (الكهف)، وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (الأعراف: 147).
4- الصد عن سبيل الله:
قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ (32)﴾ (محمد).
5- كراهية ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم:
وهي قضية خطيرة أن يبغض العبد شيئاً مما جاء به محمد- صلى الله عليه وسلم- حتى لو نفَّذ المطلوب بجوارحه وهو كاره في باطنه فقد حبط عمله، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾ (محمد)
أي كرهوا القرآن ما أنزل الله فيه من التكاليف والأحكام لأنهم قد ألفوا الإهمال وإطلاق العنان للشهوات والملذات، فأحبط الله أعمالهم لبغضهم وعدم اقتناعهم بأوامر الله، فمثلاً لو سرق مسلم فنُفِّذ فيه حكم الله وهو قطع اليد فرضخ لذلك وهو كارهٌ لشرع الله وغير مقتنع به فإن هذا القطع لن يمنع عنه إحباط العمل بالكلية، وسيلقى به وهو من غير عملٍ ينفعه يوم القيامة.
6- موالاة اليهود النصارى ونصرتهم:
لقوله تعالى: ﴿يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ﴾ (المائدة).