الإخوة: mm، وأبو عاصم، وعبده محمود- مصر
يسألون: عن العلاقة بين الخاطب والمخطوبة، وكيف تُدار فترة الخطوبة؟ وحكم الاتصال بالمخطوبة ومقابلتها؟
*أجاب عن السؤال: فضيلة الشيخ/ سعد فضل- من علماء الأزهر الشريف:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
من المعلوم أن الشرع قد حرَّم النظر بين الأجنبيَّيْنِ كما قال تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾ (سورة النور: 30)، وقال سبحانه: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ﴾ (سورة النور:31)، كما حرَّم اللمس بينهما، والخلوة في مكان تُخشى فيه الفتنة، وذلك كله محافظةً على الأعراض وصيانة للشرف.
والخاطب والمخطوبة في فترة الخطبة أجنبيان، يجري عليهما ما يجري على غيرهما من الأجانب، غير أن الشرع راعى الحاجة إلى معرفة كل منهما للآخر، فأباح النظر إلى الوجه والكفين ليتعرَّف الرجل على جمالها وصحتها، أما معرفة خلقها وأحوالها الأخرى فيمكن أن تُعرف بوسائل أخرى، عن طريق الأخبار أو الوسطاء الثقات الذين يعلمون الحقائق بعيدًا عن التصنُّع والخداع.
روى البخاري ومسلم أن امرأةً جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم لِتَهَبَ نفسها له، فنظر إليها فصعَّد النظر إليها وصوَّبه ثم طأطأ رأسه، ومعنى صعد: رفع، ومعنى صوب: خفض.. قال النووي: في الحديث دليل على جواز النظر إذا أراد أن يتزوج امرأة، وتأمُّله إياها، وفيه استحباب عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح ليتزوجها.
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم عدة رجال بالنظر إلى من يريدون الزواج منها، ومن ذلك المغيرة بن شعبة الذي قال له: "انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما" أي تحصل الموافقة والملاءمة.
وعند أحمد بن حنبل: يجوز النظر إلى أكثر من الوجه والكفين، مما لا يخدش حياءً، أو يثير فتنةً، بناءً على الحديث الذي رواه: "إذا خطب أحدكم المرأة فقدر على أن يرى منها بعض ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل"، ولذلك قال ابن الجوزي في كتاب (صيد الخاطر): ومن قدر على مناطقة المرأة أو مكالمتها بما يوجب التنبيه ثم ليرى ذلك منها؛ فإن الحسن في الفم والعينين، فليفعل.
هذا ويجوز للخطيبين مع الحشمة المطلوبة أن يجلسا مع بعضهما في مكان مكشوف للناس، أو مع بعض المحارم، ولا يستبيح منها قبلة ولا غيرها، فهذا لا يجوز بحال.
والله تعالى أعلم.