تهنئة من القلبكل عام وأنتم الى الله أقرب وعلى طاعته أدومرسالة الى كل مظلوميا من لا تُغيّبهم المحن عن القلب والذاكرة
كل عام وأنتم بخير..
كل عام وأنتم أحرار..
كل عام وأنتم أعزة..
ففي القلب أنتم لا تُغيبكم سجون، ولا تحول دون مكانتكم في النفوس أسوار أو قيود، تعرف الدعوة قدركم، وترى الحركة مكانكم، وتلمع في الآفاق سِيَرُكم، ولا تداني سماءَ بذلكم سماءُ، إنها حقيقة رباطكم الذي لا تحوط أركانه الكلمات، ولا تشمل مداه العبارات، فقد صدعتم بالإيمان قولاً، وجسدتم- كما نحسبكم ولا نزكيكم على الله- الإيمان عملاً، فما كان إلا أن صار فيكم قول الرب جل في علاه ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ﴾ (العنكبوت: من الآية 2)، ولئن كانت الأُولى قد فزتم بها فكلنا يقين في أن الله قد اختبركم ليتثبت مَن صدقٍ اختصكم به في ثاني وعده ﴿فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ (العنكبوت: من الآية 3).
أيها المرابطون..
ها هو رمضان عليكم وعلينا يهل، ننظر حولنا فنراكم في كل حركةٍ لإخوانكم، نستشعر جهادكم في كل رايةٍ لدعوتنا ترفعها أيادي إخوانكم، ونسمع كلماتكم في فم كل متحدثٍ في ميادين العمل المختلفة، فلئن كانت قوانين الطغاة قد توهَّمت قدرتها على إقصائكم أو سَجْن إرادتكم ومصادرة أموالكم، فقد خاب والله ما يدعون، وأطاح الواقع بما إليه يطمحون، فما من سجونٍ تنسينا إخوانًا جمعنا بهم العزيز الحكيم في ساحةٍ لا تُضاهيها ساحات الدنيا ﴿لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ (الأنفال: 63)، وما من قوانين تقصي مكانكم في القلوب، وما من محاكم تستطيع أن تمسح من ذاكرة الأمة سيرة إخوانٍ يسطر جهادَهم وبذلَهم وثباتَهم التاريخُ بأحرف العز والإباء.
ويا أسرنا الصامدة..
إنه رمضان الثاني لكم في هذه المنحة؛ حيث الأب والابن والزوج والأخ بعيد بحكم قوانين الجَور ومحاكم الاستثناء، لكن إرادة الله غالبة، هو وحده القادر وهو المتفرد بالعدل المطلق، ولقد ضربتم لإخوانكم وأخواتكم الأمثال في الثبات والصمود والإباء والعزة، وكنتم لذويكم الممتَحنين ولنا من قبلهم خير من نستلهم منه الصبر ونستمد من صموده القوة ونسير خلفه على درب التضحية والثبات.
فكل عام وأنتم على عهدنا بكم.. مضرب الأمثال في التفاني..
أمهات وآباء لا يعرفون إلا تربية الرجال..
زوجات تُمثل حائط الصد لأزواج صامدين..
أبناء وبنات يهتفون في وعي آبائهم: امضِ يا أبي؛ فإنك على الحق المبين.
وإخوان في كل الدنيا يرونكم فيتذكرون قول الحق ﴿رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً﴾ (الأحزاب: من الآية 23).
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم